تقرير : مروة السوري
عرض مؤخرًا الفيلم الروائى الطويل “بين بحرين” للمخرج أنس طلبة ضمن فعاليات “نادى سينما المرآة” للناقدة “شاهندة على” التابع للمركز القومى للسينما ، منذ اللحظة الأولى فى متابعة المشهد السينمائى للأحداث الفيلم يدرك معه الجمهور أنه أمام واقعًا ملموسًا لا يمنعه عنه سوى الشاشة السينمائية فكان سرد أحداث بصورة طبيعية لمشهد زفاف أحدهم ومراسم العرس الشعبية البسيطة للانتقال إلى عرض يوميات ثلاث فتيات مختلفات رغم أن البيئة واحدة ولكن نرى أن أحدهن جامعية وتعمل من أجل الحصول الماجستير وسط ظروفها الضئيلة والأخرى تعانى من تعنيف زوجها لها واعتبارها بأنها مجرد خادمة له وليست زوجته ووالدته ابناءه ولا تريد أن تتعلم أو تعمل بل تريد التواكل والانحناء على ظروفها المهزوزة أما الثالثة تعليمها متوسط ترغب فى التعلم والعمل ولكنها تعانى من جهل والدتها الذى أدى إلى وفاة ابنتها الكبرى ليبدأ الخط الرئيسى للفيلم باهتمامه بسرد كواليس الوفاة ووقائعها إلا وهو ابراز أن الجهل كان سيد الموقف فالجدة “عارفة عبد الرسول” تعتقد بأن حفيدتها أصبحت مراهقة يانعه تحتاج إلى ختان لحماية أهوائها من الوقوع فى الخطأ وفى نفس الوقت تريد زواجها المبكر وتوفير مصاريف تعليمها التى لا فائدة منها من وجهة نظرها بل الأهم أن تتحول لأم وهى مازالت فى طور التعلم والانفتاح عما حولها من أمور ويوافقها على ذلك زوج ابنتها ووالد الفتاه فهو يعتقد أنه لا يدرك ما يدركه كبار السن دون التفكير أو حتى لحظات الحسم ولكن يظهر خط رغبة والده الفتاه فى التعلم والاطلاع وترى فى ابنتها بأنها مرآتها التى تهرب من الواقع لتقع فى دفء عيانها البراقة للمستقبل فهى رمز الغد بالنسبه لها بينما زوجها ووالدتها رمز السلبية والتراجع ليأتى وفاه الفتاه نقطة تحول تحدث العديد من الخطوط الدرامية أهمها فى قرار الأم أن تواجهه الواقع لتحسم قرارها بأن بكل كارثة وجه أخر للخير فالخير بالنسبه لها جاء من خلال اهتمامها بالتعليم والتثقف والعمل والذى يؤمن لها حياة أفضل وتنفيذًا لحلمها الذى ضاع مع وفاة قره عيناها ليتداخل هذا الأمر صديقاتها الأخريات “سمية” يارا جبران التى أصبح مصيرها أو حل مشكلتها هو الانفصال عن زوجها غليظ الطباع التى أدركت بأن المرآة دائما تعانى من ظروف الحياة المتنوعة التى تشكل شخصيتها وطريقه تعاملها مع من حولها لتصل فى النهاية بأن الزواج وحده لا يمكن أن يكون حلا نهائيًا بل من الممكن أن تعصف بها الأقدار الى خير أفضل ولكن كان سيناريو العمل محايدًا فى عرض قصة الفتاة الثالثة “ثراء جبيل “الذى أتاح لها القدر التعليم الجيد والعمل المتعب والحبيب الراغب فى أن تصبح بأفضل حال ولا يريد تحطيم أحلامها بزواجها بل انتظرها حتى تحقق احلامها وأن دلت هذه النهاية على شىء دلت على أن السيناريو اعتماده الأول على فكرة الاهتمام بشريحة الرجل والمرآة فى عرض بعض القضايا والتى عرض ايضا الفيلم قصة التعصب الدينى التى تعد بذرته الأولى الجهل ايضا والذى جسد دوره الفنان “جلال العشرى” وفى المقابل يجسد الفنان حسن عبد الله دور المتعلم المتدين الذى أصبح بفضل تعليمه خطيب الجامع رغم صغر سنه ليربط السيناريست وايضا المؤلفة فكرة أن التدهور الانسانى بحياة الرجل والمرآة سببه الأول فى التوغل فى بئر الجهل .
لنجد فى النهاية ان الفيلم لم يهتم باستعراض المشكلة فقط بل وضع لها الحل إلا وهو بالعلم والتفاهم والعمل سيصبح الإنسان أكثر ارادة لقرارته والتى من خلال يتحول من شخصية سلبية إلى صورة أقرب للمثالية فقله التعليم ليس السبب بل يجب إعادة هيكلة الموروث والتقاليد التى تكلف الإنسان حياته وليس معنى ذلك إى علاقة بالعادات الدينية بل صياغتها بأسلوب سليم والذى اشار خلاله العمل بأن فهم الدين بصورة خاطئة أدى إلى موت زهرة ابنه بطلى العمل “فاطمة عادل” رمز التحدى ووالدها حسن “محمود فارس” رمز الهبوط والتدرج للعلاج منه .
— ومن مميزات العمل اعتماده على تنسيق المناظر الواقعية لمنطقة جزيرة الدهب التى تطل على النيل والتى أعطت رؤية جيدة لفكرة فيلم “بين بحرين” وكأنه بين قرارين قرار الحياة وقرار الاستسلام وابطاله فى توسط العلاقة بينهم .
الفيلم إنتاج 2019 بطولة فاطمة عادل ، محمود فارس ، ثراء جبيل ، يارا جبران ، عارفة عبد الرسول ، جلال العشرى ، حسن عبد الله ، الطفلة عهد عبد المنعم ، تأليف مريم نعوم ، سيناريو أمانى التونسى ، كريم الدليل ، موسيقى خالد الكمار ، إخراج أنس طلبة ، إنتاج مشترك بين كلا من المجلس القومي للمرأة وهيئة الأمم المتحدة للمرأة .
محررة الموقع مع بطل الفيلم “محمود فارس”